الأحد 01 ديسمبر 2024
|
---|
مكتبة الإسكندرية تُصدر كتاب: دور الحركات العمَّالية في دعم الديمقراطية
صدر عن كل من معهد دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية والمعهد السويدي بالإسكندرية كتاب "دور الحركات العمَّالية في دعم الديمقراطية"، وهو من إعداد ممدوح مبروك، الباحث بمكتبة الإسكندرية.
يأتي الكتاب في إطار المؤتمر الدولي لدور الحركات العمَّالية في دعم الديمقراطية بمكتبة الإسكندرية الذي نظمه كل من معهد دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية والمعهد السويدي بالإسكندرية في الفترة من 16 إلى 18 مارس 2013.
تلاقى معهد دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية والمعهد السويدي بالإسكندرية على مبادرة تهدف إلى تسليط الضوء على أحد مجالات التفاعل والحراك السياسي في أعقاب ثورة 25 يناير 2011م؛ وهو النقابات العمَّالية والديمقراطية. وقد جاء اختيار هذا الموضوع نتيجة ملاحظة عامة أسداها كثير من الدارسين والخبراء مفادها أن هذا الملف هو الأقل تطرقًا في أعقاب الثورة، وهناك تركيز أكثر على بناء المؤسسات السياسية للدولة، وهو أمر مفهوم، لكنه لا يجب أن يأتي على حساب دراسة سبل تمكين المجتمع المدني في بناء الديمقراطية، وهو يشكل مؤسسات وأوعية مجتمعية تحتضن مشاركة المواطنين، ومبادراتهم، وتبلور مصالحهم، وتحافظ على التعبير المتوازن عن الآراء والغايات والتطلعات.
ونظرًا لأن كلا المؤسستين، مكتبة الإسكندرية والمعهد السويدي، لهما باع وعلاقات وتواصل مستمر مع هيئات إقليمية ودولية، فضلاً عن الروابط المحلية، فقد اتجها إلى طرح الموضوع في أفق أكثر اتساعًا من خلال التعرف على خبرات متنوعة من سياقات دولية وإقليمية ومحلية.
ويقدم الكتاب بعضًا من تجليَّات العلاقة بين النقابات العمَّالية والديمقراطية من أوروبا إلى أمريكا اللاتينية إلى آسيا وصولاً بالتجارب المتنوعة في الخبرة العربية، وينتهي بطرح أسئلة مفتاحية يمكن مواصلة البحث فيها. وهو كتاب رقيق الحجم، قد لا يشفي غليل متخصص، لكنه بالتأكيد يفتح شهية مهتم ودارس ومتابع ومراقب لإيقاع واحدة من منظمات المجتمع المدني، وهي النقابات العمَّالية، وأداؤها الديمقراطي، وقدرتها على الإسهام في بناء الديمقراطية في مجتمعات متنوعة في ميراثها التاريخي، وخبراتها السياسية، وضوابطها الثقافية والمجتمعية.
ويتناول الفصل الأول من الكتاب الحركات العمَّالية في التجارب الديمقراطية العالمية، من خلال التجربة البولندية والإنجليزية واليابانية والسويدية وتجربة أمريكا اللاتينية. ويبين الكتاب إن الحركة العمَّالية واجهت على مدار تاريخها مشكلة أساسية تمثلت في كيفية تحويل العمل النقابي إلى ثقافة وروح ومضمون أكثر من كونه مجرد آليات وأدوات تتعلق بتشكيل نقابات وسن قوانين والمساومة الجماعية، إلخ.
وأشار الباحث إلى أن الحركات النقابية على مستوى العالم لعبت دورًا أساسيًّا في حركات التحرر الوطني ومقاومة العنصرية التي شهدها العالم، والأمثلة على ذلك عديدة؛ فقد لعبت المنظمة النقابية بجنوب إفريقيا دورًا كبيرًا في إنهاء التمييز العنصري، وكذلك الحركة النقابية في إسبانيا قدمت مساهمة قيمة في إنهاء نظام فرانكو الفاشستي، هذا بالإضافة إلى أن بعض رؤساء النقابات أصبحوا فيما بعد رؤساء دول مثل: ليخ فاوينسا في بولندا، ولولا دي سيلفا في البرازيل، وغيرهما. والتجارب العالمية في مجال العلاقة بين الحركات العمَّالية والديمقراطية متباينة نتيجة اختلاف الخبرات المحلية، والنظام السياسي السائد، وطبيعة العلاقات الصناعية السائدة. ويفتح التوقف أمام بعض هذه التجارب، خاصةً التي تحمل بصمات ثقافية مختلفة آفاقًا في التفكير في الدروس المستفادة، وتدبر المساهمات المتنوعة التي تسهم بها الحركات العمَّالية في تحقيق الديمقراطية داخل مجتمعاتها.
ويتطرق الفصل الثاني إلى الحركات العمَّالية ورياح الديمقراطية في العالم العربي. ويقدم الفصل عرضًا لملامح العمل النقابي ودوره في عدد من التجارب العربية التي أصبحت متفاوتة من حيث نصيبها من التحول الديمقراطي، ما بين دول شهدت ما يُطلق عليه ثورات الربيع العربي مثل مصر وتونس، وأخرى تتبنى سياسات إصلاحية كالمغرب، وثالثة لها تجربة مع الحكم الإسلامي كالسودان، ورابعة لها خصوصية سياسية وثقافية في التنوع والتعددية وهي لبنان، وخامسة تتناول خبرة التنظيمات العمَّالية في ظل الاحتلال وهي الخبرة الفلسطينية.
وعن التجربة التونسية، يبين الكتاب أن الحركة النقابية في تونس بدأت عام 1924 بتأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل على يد الزعيم محمد علي الحامي واتسمت بوطنيتها حيث لعبت دورًا رائدًا في مناهضة الاستعمار والمشاركة في بناء الدولة الحديثة في محاولة لبناء فكر اقتصادي اجتماعي وطني يناهض الفكر الاقتصادي الاستعماري. وخاض الاتحاد العام التونسي للشغل على مدار تاريخه العديد من المعارك الديمقراطية ودخل في صراعات عديدة مع السلطة لإنهاء حكم الحزب الواحد في ستينيات القرن الماضي. وقد تصَدَّر الاتحاد العام التونسي للشغل موقعًا رئيسًا في الثورة التونسية وفرض نفسه كرقم لا يمكن تحييده في المعادلة السياسية، حيث كان إطارًا حاضنًا لمقاومة الاستبداد والاستغلال وللنضال من أجل الحرية والكرامة والمساواة الذي ساهمت تراكماته بصورة فعالة في اندلاع الثورة التونسية.
وأضاف الباحث أنه منذ اشتعال الثورة التونسية وحتى الآن تواجه الحركة النقابية التونسية العديد من التحديات أبرزها: عدم استقرار البلاد نتيجة عدم اكتمال عملية التحول الديمقراطي، وتأثير الخطاب الديني الجديد على الاتحادات العمَّالية والنقابية، ومجابهة انعكاسات تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خاصةً في جنوب أوروبا على العمال التونسيين المقيمين هناك، وتمدد القطاع غير الرسمي في الاقتصاد حتى وصل عدد العاملين فيه حوالي 50 % من العمال، واستشرى في مختلف القطاعات مما يشكل عائقًا نحو توسع العمل النقابي حيث يدعمه أفراد تابعون السلطة.
وفي مصر، لم يكن للحركة العمَّالية المصرية – إبان فترة حكم مبارك - أي دور نتيجة هيمنة النظام السابق عليها. وظهرت النقابات المستقلة على الساحة العمَّالية بشكل كبير قبيل ثورة يناير كرد فعل طبيعي للتجارب السلبية التي عاشها التنظيم النقابي إبان النظام السابق، ومن أبرز تلك النقابات "نقابة الضرائب العقارية". لعب العمال دورًا كبيرًا في التمهيد لثورة يناير من خلال الإضرابات والاعتصامات التي شهدتها ميادين مصر وقتها، وبعد الثورة حرص العمال على حرية واستقلال التنظيمات النقابية وناضلوا من أجل ذلك.
وبعد الثورة كان الاتحاد العام للنقابات المستقلة بمثابة بارقة أمل لعدد كبير من النقابات المستقلة إلا أنه للأسف يعاني من بعض المشكلات، أبرزها: الوضع القانوني، وضعف النقابات المستقلة التي يضمها، وغياب التدريب والخبرة النقابية وتلك هي مسئولية الاتحاد الذي من المفترض أن يقدم برامج تدريبية لكل من هو مهتم بالشأن العمالي.
ويضم الكتاب جزء أخير مخصص للملاحق، والذي يضم الكلمات التي ألقيت بالمؤتمر، ومنها كلمة السفيرة برجيتا هولست؛ مديرة المعهد السويدي بالإسكندرية، وكلمة الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وكلمة الأستاذة أمينة شفيق؛ المتحدث الرئيسي في الجلسة الافتتاحية.
- قرأت 2772 مرة